السلطان عبد الحميد الثاني.. أجاد 4 لغات واهتم بالتعليم ورفض بيع فلسطين

السلطان عبد الحميد الثاني.. أجاد 4 لغات واهتم بالتعليم ورفض بيع فلسطين

شهد يوم 31 أغسطس/آب من عام 1876 تتويج عبد الحميد الثاني خليفةً للمسلمين وسلطاناً للعثمانيين بعد خلع الصدر الأعظم أخاه مراد الخامس بسبب تهمة الجنون، ليكون بذلك الخليفة الإسلامي رقم 113 والسلطان العثماني الـ34 وآخر السلاطين العثمانيين الأقوياء.

 

وعلى الرغم من أن عمر عبد الحميد الثاني لم يتجاوز 34 عاماً عند توليه السلطنة، فقد كان متمرساً على السياسة بسبب التربية التي تلقاها في عهد والده السلطان عبد المجيد وعمه السلطان عبد العزيز، فتمكن خلال العام والنصف الأول من فترة حكمه من وضع حد لتمادي الصدر الأعظم مدحت باشا الذي كان يُسيطر على أمور الحكم بشكل فعلي، لتبدأ بعدها حقبة السلطان عبد الحميد الثاني في فترة فيصلية صعبة من عمر الدولة العثمانية.

 

وخلال فترة حكمه التي امتدت لقرابة 33 عاماً وكانت شاهدة على محاولات الدول الغربية السيطرة على أجزاء من الأراضي العثمانية في البلقان والعالم العربي، أنجز السلطان العثماني العديد من الأعمال التي كانت تهدف إلى ربط أراضي العالم الإسلامي من خلال سكك الحديد والتلغراف، والنهوض بالتعليم في أنحاء الأراضي العثمانية، وفكرة الجامعة الإسلامية لتوحيد الأمة عبر ربط المسلمين ببعضهم البعض، بالإضافة إلى تصديه لمحاولات الصهيونية الرامية إلى سلب الفلسطينيين أراضيهم ومقدساتهم.

المولد والنشأة

 

ولد عبد الحميد في قصر “جرغان” يوم 22 سبتمبر/أيلول 1842، ليكون المولود الثامن والذكر الثاني للسلطان عبد المجيد الأول الذي امتدت فترة حكمه بين عامي 1839 و1861، ووالدته السلطانة تيرمُجكان (من أصل شركسي) التي توفيت بسبب مرض السل وهو في سن العاشرة.

 

وبعد وفاة والدته أُوكلت مهمة تربية الأمير عبد الحميد إلى زوجة والده التي لا تنجب السلطانة بيريستو، التي اهتمت به أفضل اهتمام كأنه ولدها الحقيقي. وبعد وفاة والده السلطان عبد المجيد عام 1861 عن عمر صغير ناهز الـ38 سنة، تولى أمور تربيته عمه السلطان الجديد عبد العزيز الذي اصطحبه معه خلال رحلته إلى مصر عام 1863 ورحلته الدبلوماسية إلى الدول الأوروبية عام 1867، إذ تمكن من زيارة فرنسا وإنجلترا وألمانيا وبلجيكا والنمسا وبروسيا وهو في سن الـ25.

 

وخلال نشأته تلقى عبد الحميد تعليماً مميزاً على يد نخبة من المعلمين الأتراك والأجانب في مختلف العلوم والمجالات، وتحدّث بجانب اللغة التركية العثمانية 3 لغات بطلاقة، هي العربية والفارسية والفرنسية. كما تلقى دروساً في التاريخ والأدب العثماني والعالمي، فضلاً عن تعلّمه الموسيقى على يد موسيقيين إيطاليين.

 

ومن المعروف أيضاً أن الأمير عبد الحميد شارك شخصياً في مجموعة واسعة من الأعمال التجارية من إدارة الأراضي إلى التعدين وأعمال البورصة، وأنه جمع ثروة كبيرة قبل توليه السلطة عام 1876.

 

اهتمامه بالتعليم ونشر الإسلام

 

على الرغم من احتقان فترة حكمه التي كانت مليئة بالمؤامرات والقلاقل، فقد قاد حركة من الإصلاحات البيروقراطية والنهضة التي شهدتها مشاريع البنى التحتية التي غطت مساحات شاسعة من أراضي الدول العثماني من خلال مشاريع سكك الحديد والتلغراف، بدءاً من سكة حديد روملي وسكة حديد الأناضول ومروراً بسكة حديد بغداد ووصولاً إلى سكة حديد الحجاز.

 

وشهدت فترة حكم السلطان عبد الحميد الثاني إصلاحات واسعة في التعليم ومؤسساته، فقد افتُتحت في عهده أول كلية قانون محلية بالمعنى الحديث، وأنشئت أكاديمية الفنون الجميلة وكليات التجارة والهندسة المدنية والطب البيطري والجمارك والزراعة واللغات، بالإضافة إلى المدارس الابتدائية والثانوية في جميع المحافظات، ومدارس خاصة بالبكم والمكفوفين، ومدارس مهنية للبنات.

 

وإلى جانب سكة حديد الحجاز التي كان الهدف منها ربط إسطنبول بالمقدسات الإسلامية في مكة والمدينة المنورة لتسهيل وصول المسلمين إليهما، كان مشروع آخر عمل عليه السلطان عبد الحميد الثاني في سنوات حكمه الأخيرة، تمثّل بإنشاء “الجامعة الإسلامية”، بهدف تدعيم أواصر الأخوة الاسلامية بين كل مسلمي العالم ومحاربة المشروع الصهيوني والمحاولات الغربية، فضلاً عن مساعيه لنشر الإسلام في البلاد البعيدة مثل اليابان وجنوب إفريقيا.

 

الحفاظ على فلسطين ومقدساتها

 

شهدت حقبة السلطان عبد الحميد بدء تفكك أراضي الدولة العثمانية بعد خسارته الحرب أمام الإمبراطورية الروسية في حرب 93 وما تبعها من حركات تمرد واسعة في البلقان واليونان، كانت سبباً في تكبيد خزينة الدولة خسائر فادحة ودفعها إلى الاستدانة من الخارج.

 

وعلى الرغم من الوضع الاقتصادي الصعب الذي كانت تعيشه الدولة العثمانية خلال فترة حكم السلطان عبد الحميد فقد رفض العرض المقدم من زعيم الحركة الصهيونية “ثيودور هرتزل” ببيع فلسطين لليهود مقابل سداد ديون الدولة العثمانية ودعم خزينتها أيضاً.

 

وبعد أن باءت جميع المحاولات الصهيونية بشراء فلسطين من الدولة العثمانية حاول اليهود التخلص من السلطان من خلال دعم الجماعات الأرمنية مالياً للمساعدة في تنفيذ أكثر من عملية اغتيال فاشلة استهدفت عبد الحميد داخل أراضي الدولة العثمانية وخارجها في سويسرا.

 

ولإحباط خطط الجماعات اليهودية للاستيطان داخل مدينة القدس والمدن المحيطة بها، أُعلنت القدس سنجقاً تابعاً للباب العالي لكي تخضع لرقابة وإشراف الحكومة العثمانية بشكل مباشر، ووضعت شروط صعبة لتنظيم زيارة اليهود للمدينة، منها أن يترك اليهود جوازات سفرهم لدى الحامية العثمانية على أطراف مدينة القدس ودفع مبلغ مالي لضمان عودتهم، وتقييد مدة إقامتهم بالقدس بشهر واحد ثم زيدت لتصل إلى ثلاثة أشهر بعد احتجاج اليهود على عدم كفاية المدة لإتمام عباداتهم.

 


مصدر الخبر :TRT عربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *