كان جدّي يمتلك هوية عثمانية… فهل يمكنني الحصول على الجنسية التركية؟

كان جدّي يمتلك هوية عثمانية… فهل يمكنني الحصول على الجنسية التركية؟

في الحقيقة، هناك طرق مختلفة لحصول الأجانب على الجنسية التركية. وفي الوقت الراهن، يعد الحصول عليها عن طريق الاستثمار -وهو ما كتبت حوله العديد من مقالات الرأي حتى الآن- من أكثر الخيارات شعبية في العالم العربي. ويحق للأجانب -الذين يعيشون في تركيا مدة 5 سنوات متتالية- التقدم بطلب للحصول على الجنسية التركية شرط أن يستوفوا بعض المتطلبات الأخرى.

 

ويُطلق على ذلك “التقدم بطلب للحصول على الجنسية بشكل عام”، وهو ما كتبت حوله في السابق مقالا افتتاحيا شاملا. وفي حال وضعنا جانبا هذه الخيارات المعروفة؛ هناك أيضا طريقة أخرى للحصول على الجنسية التركية، وذلك من خلال الأبوّة. ويعني ذلك أنه إذا كان أحد الوالدان أو كلاهما مواطنا تركيا، فسيحقّ للابن أو الابنة الحصول على الجنسية التركية تلقائيا من خلال أحد والديه/ها أو كلاهما.

 

في المقابل، في حال لم يقع تسجيل جنسية الشخص لأي سبب كان إلى حين بلوغه 18 عاما، فينبغي على ذلك الشخص أن يتقدم بطلب إلى السلطات التركية للمطالبة بالحصول على جنسيته بأثر رجعي وإثبات أنه كان من المفترض أن يكون مواطنا تركيا بعد ولادته، ولكن لم يقع تسجيله. وفي الواقع، تهمّ هذه القاعدة العديد من العرب اليوم الذين يتساءلون عما إذا كان بإمكانهم الحصول على الجنسية التركية عن طريق أسلافهم العثمانيين.

 

لا توجد لوائح محدّدة في القوانين التركية على غرار “الحصول على الجنسية عن طريق الأسلاف العثمانيين”. وفي حال كان هناك مثل هذا الخيار، فسيكون في الواقع مجرّد طريقة أكثر تعقيدا للحصول على الجنسية من خلال الأبوّة، وهو ما تمّ توضيحه أعلاه. وعموما، ويمكن اعتماد المثال التالي لتوضيح ذلك “كان لدى جدّي هوية عثمانية، وكان من المفترض أن يكون مواطنا تركيا. مع ذلك، هاجر جدي لأي سبب من الأسباب إلى دولة عربية أخرى تأسست بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية ليُصبح بعد ذلك مواطنا فيها. بعد ذلك، أصبح جميع ورثته -على غرار والدي- مواطنين في تلك الدولة ولم يكونوا مسجلين في تركيا باعتبارهم مواطنين أتراك.

 

في حال كان يمكن لوالدي ادّعاء حقّه في الحصول على الجنسية التركية من خلال والده (جدي)؛ سيكون باستطاعتي المطالبة بالحق نفسه من خلال والدي. وتجدر الإشارة إلى أن لهذا الافتراض بعض المزايا. لهذا السبب، نتلقّى الكثير من الأسئلة من الأشخاص الذين لديهم أمل في الحصول على الجنسية التركية من خلال أسلافهم العثمانيين. في المقابل، لا يعدّ من السهل جعل هذا الافتراض حقيقة، وإلا سيحصل مئات الملايين من الناس الذين يعيشون في الوقت الراهن في عشرات الدول -التي كانت في يوم من الأيام أرضا عثمانية- على الجنسية التركية، وهو ما يعدّ بطبيعة الحال أمرا غير منطقي.

يُعتبر هذا هو السبب وراء وجود فرصة ضئيلة للغاية للحصول على الجنسية التركية من خلال السلف العثماني. ولا يمكن أن يحدث ذلك إلا إذا استوْفيت الشروط التالية:

 

-حصول سلفك العثماني المعنيّ على جنسية الجمهورية التركية بعد إنشائها في عام 1923 أو كان على الأقل مُسجّلا في سجلّات التعداد العام للسكان العثمانيين الذي أجري في عام 1905.

إثبات أي من هذين الخيارين بوثائق رسمية، وهو ما يعدّ عمليا أمرا صعبا للغاية. وللعثور على مثل هذه الأدلة الرسمية، قد يتعيّن على المرء أن ينظر في الأرشيف العثماني الموجود في تركيا. ويُعتبر الوصول إلى الأرشيف العثماني وإجراء بحث هناك أمرا مزعجا للغاية ويتطلب دعما من الخبراء.

-يجب على مقدم الطلب تقديم جميع الوثائق ذات الصلة مثل شهادات الميلاد والوفاة والزواج والطلاق من دولته لإثبات روابط عائلته مع السلف العثماني المعني. علاوة على ذلك، ينبغي على السلطات التركية أن تتحقق رسميا من هذه الوثائق وتُترجمها. وبسبب المتطلبات الصارمة المذكورة أعلاه، وتعدّ إمكانية النجاح في محاولة للحصول على الجنسية التركية من خلال سلف عثماني ضئيلة للغاية.

-ولا يستطيع مقدّمي الطلبات عادة جمع جميع الوثائق المطلوبة. علاوة على ذلك، قد لا يكون جمع الوثائق المطلوبة كافيا في بعض الأحيان، وقد يلزم إثبات طبيعة بعض الوثائق من خلال دعوى قضائية ترفع إلى المحاكم التركية. وفي حال نجاح مقدّم الطلب بطريقة أو بأخرى في جمع كلّ الوثائق المطلوبة، وإذا كانت محتويات تلك الوثائق تثبت -بما لا يدع مجالا للشك- الروابط الأسرية؛ فإن السلف العثماني المعني وجميع ورثته/ها وصولا إلى مقدّم الطلب الذي كان من المفترض أن يكون مواطنا تركيا في الماضي؛ سيُسجّلون بأثر رجعي كمواطنين أتراك متوفّين. بعد ذلك، سيقع تكوين شجرة العائلة من السلف العثماني المعني وصولا إلى مقدم الطلب. ونتيجة لهذه السلسلة، سيتمكّن مقدّم الطلب في نهاية المطاف من التقدم بطلب للحصول على الجنسية التركية.

 


مصدر الخبر :الجزيرة نت الكاتب : دينيز باران

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *