أقشينار لن تترشح للرئاسة والحزب الكردي لن ينضم للتحالفات.. كيف ينعكس ذلك على حظوظ أردوغان؟

أقشينار لن تترشح للرئاسة والحزب الكردي لن ينضم للتحالفات.. كيف ينعكس ذلك على حظوظ أردوغان؟

بشكل مفاجئ أعلنت ميرال أقشينار زعيمة حزب الجيد المعارض أنها لن تترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، بالتزامن مع إعلان حزب الشعوب الديمقراطي الكردي أكبر الأحزاب الكردية بالبلاد أنه لن يشارك في أي تحالف انتخابي، في مواقف هامة تعطي مؤشرات حيوية حول تركيبة الانتخابات المقبلة التي ما زال يلفها الكثير من الغموض والتكهنات خاصة فيما يتعلق بحظوظ حزب العدالة والتنمية والرئيس رجب طيب أردوغان.

 

وعلى الرغم من أن الانتخابات المقبلة التي تجري للرئاسة والبرلمان بشكل متزامن مقررة في منتصف عام 2023 إلا أن البلاد دخلت الأجواء الانتخابية مبكراً وبات التجاذبات ومساعي التحالفات وتحديد المرشحين تسيطر على المشهد السياسي في البلاد لأسباب مختلفة أبرزها ضغوط المعارضة لإجراء الانتخابات بشكل مبكر بسبب ما تقول إنها ظروف سياسية واقتصادية استثنائية تمر بها البلاد.

 

وعلى الرغم من أن أردوغان أعلن مراراً رفضه التام لإجراء الانتخابات بشكل مبكر إلا أن الأوساط السياسية المختلفة في البلاد لا تستبعد تغير موقفه أو لجوئه لعامل “المفاجئة” ضد المعارضة بجر البلاد إلى انتخابات مبكرة بترتيب مع حليفه حزب الحركة القومية وذلك قبيل أن تتوافق المعارضة على تحالف أقوى وتختار مرشح توافقي قوي وهو ما يمكن أن يعزز حظوظه الانتخابية، وهو ما يدفع كافة الأحزاب لإبقاء خيار الانتخابات المبكرة مطروحاً بقوة على أجندتها وتعمل لأن تكون مستعدة له في أي وقت.

 

وقبل أيام، أعلنت ميرال أقشينار زعيمة حزب الجيد لأول مرة وبشكل صريح وقطعي أنها لن تترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة وهو التصريح الذي يحمل في طياته الكثير من الدلالات والمؤشرات حول الآلية التي سوف يختار من خلالها تحالف المعارضة مرشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة.

 

وطوال الأشهر الماضية كان السؤال الأبرز حول ما إن كان تحالف المعارضة سوف يلجأ إلى اختيار مرشح توافقي يخوض فيه الانتخابات الرئاسية منذ الجولة الأولى، أم انه سوف يدفع بقادة أحزاب تحالف المعارضة لخوض الانتخابات الرئاسية في الجولة الأولى على أن يتم الاصطفاف ودعم المرشح الذي حصل على أعلى نسبة من الأصوات في الجولة الثانية من قبل كافة أحزاب التحالف.

 

ومع إعلان اقشينار أنها لن تترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، فإنها بذلك تعطي مؤشراً قوياً على أن تحالف المعارضة (تحالف الأمة) قد توافق على اختيار مرشح توافقي لخوض الانتخابات، وبذلك يتم استبعاد السيناريو الأول المتعلق بخوض زعماء أحزاب تحالف المعارضة للانتخابات في جولتها الأولى.

 

ويعتقد أن هذا التوجه جاء لمنع تكرار سيناريو الانتخابات الماضية، حيث استخدمت المعارضة في الانتخابات الرئاسية عام 2018 تكتيك تشتيت الأصوات عبر مشاركة كافة زعماء التحالف بالانتخابات ومنع أردوغان من الحصول على 50 بالمئة من الأصوات للتوحد خلف مرشح واحد في الجولة الثانية التي لم تحصل نتيجة نجاح أردوغان في الحصول على أكثر من 50 بالمئة من أصوات الناخبين وحسمها من الجولة الأولى.

 

لكن في المقابل، لم يتضح المنافس الذي تنازلت له أقشينار التي كانت تصر على خوض الانتخابات الرئاسية، حيث يبقى غامضاً ما إن كان المرشح سيكون من حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب تحالف المعارضة سواء زعيمه كمال كليتشدار أوغلو أو أحد الأسماء الأخرى المطروحة من داخل الحزب وعلى رأسها رئيسي بلدية إسطنبول أكرام إمام أوغلو أو أنقرة منصور يافاش أو مرشح توافقي من خارج الحزب وهي خيار أقل حظاً في ظل عدم وجود أسماء كبيرة من الخارج باستثناء الرئيس السابق عبد الله غًل الذي تواجه المعارضة صعوبة بالغة في الحصول على إجماع حوله بين أحزابها أو داخل القاعدة الشعبية لحزب الشعب الجمهوري.

 

وفي هذا الإطار، قال الصحافي جان أتاكلي المعروف بقربه من أوساط المعارضة التركية إن زعيم المعارضة كمال كليتشدار أوغلو لن يترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، وادعى ان معلوماته الخاصة تؤكد ان المعارضة وبعد سلسلة اجتماعات ومباحثات اتفقت على ترشيح “شخص توافقي يدعمه الجميع” والتركيز على الحصول على 360 (من أصل 600) مقعد في البرلمان المقبل من أجل إعادة البلاد إلى النظام البرلماني، وادعى أيضاً أن الاسم المطروح هو “إلهان كيسيجي” وهو نائب سابق في البرلمان عن الشعب الجمهوري يصفه الكاتب بأنه معتدل ووسطي ولديه خبرة كبيرة.

 

وما يدعم وجود توجه في هذا الإطار، تصريح أقشينار التي قالت إنها لن تكون مرشحة للرئاسة وإنما “ستكون مرشحة لمنصب رئيس الوزراء”، أي أنها تعطي أولوية لتعزيز حضورها البرلماني للتمكن من تغيير نظام الحكم من رئاسي إلى برلماني ومن ثم المنافسة على منصب رئيس الوزراء، حيث تجمع المعارضة على أنها ستتوحد للفوز بالانتخابات لإعادة البلاد إلى النظام البرلماني.

 

في سياق متصل، قالت بيرفين بولدان الرئيسة المشاركة لحزب الشعوب الديمقراطي أكبر حزب كردي في البلاد “أعلن بصراحة أن حزبنا لن يكون جزء من أي تحالف انتخابي”، مشددة على أن أبرز مشكلة تحتاج إلى حل في تركيا هي المسألة الكردية وأن حزبها مستعد لتعزيز الأرضية الديمقراطية التي تساهم في حل هذه المشكلة، في إشارة إلى دعم العودة إلى النظام البرلماني أيضاً.

 

لكن هذا الإعلان لا يحمل إشارات قطعية حول مدى استعداد الحزب لدعم تحالف المعارضة وخاصة مرشحه في الانتخابات الرئاسية أم لا، حيث أن الحزب لم يكن يوماً عضواً رسمياً في تحالف المعارضة، ودعمه في السابق في إطار تحالفات ضمنية غير معلنة، وبالتالي فغن هذا السيناريو يمكن أن يتكرر في الانتخابات المقبلة أيضاً، لكن إذا فشل تحالف المعارضة بالحصول على دعم ولو ضمني للحزب الكردي فإنه يفقد أصوات مهمة جداً وتجعل مهمته في منافسة أردوغان أصعب بكثير من السابق.

 

وبينما بات عدم ترشح أقشينار مؤكداً، لا تأكيد بعد حول إمكانية ترشح كليتشدار أوغلو ومدى دقة التسريبات حول المرشح المزعوم للمعارضة “إلهان كيسيجي”، كما أن الشعوب الديمقراطي الذي أكد عدم مشاركته بأي تحالف لم يؤكد ما إن كان سيدعم ضمنياً مرشح المعارضة للرئاسة أم لا وكلها معطيات ستظهر تدريجياً وستساهم في رسم صورة أوضح لحجم استفادة أو تضرر أردوغان من استراتيجية المعارضة الجديدة التي لم تتضح كامل معالمها بعد.


مصدر الخبر :موقع "القدس العربي"

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *