عسكرية بيرقدار ودبلوماسية “+5”..كيف باتت تركيا رقماً صعباً بالنظام العالمي؟

عسكرية بيرقدار ودبلوماسية “+5”..كيف باتت تركيا رقماً صعباً بالنظام العالمي؟

إلى جانب عمقها الاستراتيجي والحضاري، باتت تركيا في السنوات الأخيرة لاعباً محورياً، ليس فقط في منطقتها، بل أيضاً على الساحات الدولية والإقليمية. فانطلاقاً من سوريا ومروراً بليبيا وشرق المتوسط وانتهاءً بالقوقاز ووسط آسيا، يمتدّ ويتوسع النفوذ التركي معززاً وجود أنقرة كرقم صعب بالنظام الإقليمي والعالمي.

 

نجحت تركيا في أن تحتل مكاناً لها على طاولة صُناع السياسات العالميين، بفضل قوتها العسكرية الحديثة والمتطورة والفاعلة على أكثر من جبهة، بالإضافة إلى تحالفاتها الاستراتيجية المتينة مع دول كبرى ومفصلية، ودبلوماسيتها النشطة والمنتشرة في القارات الخمس في إطار سعيها لتأخذ مكانة مرموقة في عالم متعدد الأقطاب، ومدها يد العون للدول الفقيرة ونصرة قضايا المظلومين.

 

وعلى الدوام، ومع كل إنجاز تحققه تركيا عسكرياً أو صناعياً أو اقتصادياً أو سياسياً أو حتى إنسانياً، يعود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليؤكد مجدداً أن تركيا أصبحت صاحبة كلمة ورأي في كل القضايا التي تخصّ المنطقة والإقليم، قائلاً: “من يرغب في تحريك حجر من مكانه فعليه الحصول على موافقة تركيا أولاً”.

 

المسيَّرات.. يد تركيا الضاربة

 

شهد العقدان الماضيان على الطفرة الهائلة التي حققتها تركيا في مجال الصناعات الدفاعية التركية، وانتقالها إلى مصافّ الدول المصنعة لمختلف الأنظمة الدفاعية العسكرية في مختلف المجالات، البرية والبحرية والجوية، وتفوقها في تصنيع الطائرات المروحية والمسيّرة والمركبات القتالية المدرعة والدبابات العسكرية، بالإضافة إلى السفن الحربية وحاملة الطائرات المحلية وأنواع مختلفة من الذخيرة والصواريخ، وصولاً إلى قرب اكتمال صناعة المقاتلة الحربية محلية الصنع من الجيل الخامس وبدء تصنيع مقاتلات الجيل السادس المسيّرة من طراز “ميوس” التي ستنتجها شركة “بايكار” المصنعة لمسيّرات “بيرقدار” ذائعة الصيت.

 

وكان لازدهار هذا النوع من الصناعات دور مهم في تعزيز قدرة تركيا العسكرية وتحقيق نقلة نوعية بالانتقال من بلد مستورد للأسلحة والتقنيات العسكرية إلى بلد مكتفٍ ذاتياً ومن ثم مصدّر لهذه التقنيات الدفاعية. ليس ذلك وحسب، بل تمكنت أنقرة إلى جانب مكافحة التنظيمات الإرهابية داخل تركيا وخارجها، إلى مد نفوذها العسكري ليطال دول المنطقة والإقليم من أجل الدفاع عن أمنها القومي وحماية مصالحها القومية.

 

وشهدت السنوات القليلة الماضية تفوق تركيا العسكري على ساحات دولية وإقليمية، لعبت بها قواتها العسكرية، وبالأخص طائراتها المسيّرة من طراز “بيرقدار تي بي 2″، دوراً محورياً في قلب موازين القوى لصالح تركيا وحلفائها، الأمر الذي ترك انطباعاً واضحاً لدى الجميع بأن تركيا باتت أقرب من أي وقتاً مضى لأخذ مكانتها المستحقة في نادي الدول العظمى.

 

“البيت التركي”.. ذراع تركيا الممدودة

 

لم تكتفِ تركيا بتطوير قدراتها العسكرية، بل عملت بزخم مشابه من أجل رسم سياساتها الخارجية بما يتناسب مع مكانة أنقرة الدولية ودورها البارز في خدمة السلام والاستقرار العالمي، وذلك من خلال اتباع نهج خارجي قوي والعمل بدبلوماسية ذات بعد نظر وقدرة عالية على المناورة.

 

وفي عالم يشهد تغيراً جذرياً ومنطقة هشة سياسياً واقتصادياً، تسعى تركيا لأخذ زمام المبادرة لتحقيق عالم أكثر عدلاً وأماناً وفقاً لمبدأ “سلام في الوطن، سلام في العالم” الذي حدده مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، وتمد يد العون والمساعدة لجميع الدول المحتاجة، التي ازدادت خلال فترة جائحة كورونا، فضلاً عن نصرتها قضايا الدول والشعوب المظلومة وإيصال أصواتهم ومعاناتهم إلى جميع المحافل الدولية.

 

وفي كتابه الجديد “من الممكن الوصول إلى عالم أكثر عدلاً”، عاد أردوغان ليؤكد مجدداً عبارته الشهيرة “العالم أكبر من خمسة”، وحاجة العالم إلى إلغاء حق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن الدولي وتفعيل دور الأمم المتحدة التي تمثل معظم الدول، والتي تمتلك إمكانية إقامة العدل في العالم بصورة نموذجية وشاملة بعيداً عن ازدواجية المعايير في أثناء التعامل مع القضايا المختلفة.

 

وكما يليق بمكانة أنقرة المتزايدة وقوتها الدبلوماسية وانتشار سفاراتها وقنصلياتها في القارات الخمس ونشاطها اللافت في القارة الإفريقية من خلال 43 سفارة، فضلاً عن حضورها القوي في الأمم المتحدة، أنهت تركيا أعمال بناء “البيت التركي” الجديد، المقابل لمقر الأمم المتحدة وسط مدينة نيويورك، والذي سيكون من أبرز الرموز التي تكشف عن مكانة تركيا ونفوذها المتنامي على الصعيد العالمي.

 

وخلال حديثه مشاركته في المؤتمر العامّ السادس والعشرين لجمعية رجال الأعمال والصناعيين الأتراك المستقلين (موصياد)، الذي انعقد الأسبوع الماضي في مدينة إسطنبول، قال أردوغان تأكيداً لدور تركيا المتنامي في السياسة الخارجية: “تركيا بقوتها العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية، باتت صاحبة كلمة ورأي في كل القضايا التي تخص المنطقة”، وأشار إلى أن من الممكن رؤية تأثير تركيا في أرجاء المنطقة كافة، من سوريا إلى ليبيا ومن المتوسط إلى القوقاز.

 


مصدر الخبر :TRT عربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *