طاقة الرياح.. هل تحلّ “التجربة التركية” أزمة كهرباء العالم العربي؟

طاقة الرياح.. هل تحلّ “التجربة التركية” أزمة كهرباء العالم العربي؟

 

في الوقت الذي تعاني به بعض الدول العربية نقصاً حاداً في إمدادات الطاقة الكهربائية، تسجل تركيا أرقاماً قياسية في توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة وبالأخصّ الرياح، الأمر الذي من شأنه أن يكون بصيص أمل للعالم العربي إذا ما تمكن من استنساخ التجربة التركية والاستفادة من خبرات تركيا ومنتجاتها في مجال توليد الكهرباء من الرياح.

 

لا شك أن ارتفاع أسعار النفط والغاز ونضوبهما في بعض البلدان العربية فتح الباب واسعاً أمام مصادر جديدة للطاقة كالشمس والرياح، إذ باتت مصادر الطاقة المتجددة تحظى باهتمام ملموس في السنوات الأخيرة، خصوصاً من انخفاض تكلفة إنشاء محطات الطاقة النظيفة وانتشار ووفرة تكنولوجيتها.

 

‪وتشكّل الرياح مصدراً حيويّاً من مصادر الطاقة المتجددة، لكن يعيبها أنها مصدر متقطع، لهذا تشهد سوق توربينات الرياح تطوراً ملحوظاً في ظل التوجه العالمي إلى إنتاج توربينات كبيرة بقدرات عالية في المناطق شحيحة الرياح، وهنا يكمن دور تركيا الحقيقي لكونها أصبحت اعتباراً من عام 2020 خامس أكبر منتج لمعدات طاقة الرياح في أوروبا من خلال 77 منتجاً يُصدَّر نحو 70% منها إلى 45 دولة حول العالم، بإجمالي إيرادات يبلغ نحو 500 مليون دولار.

 

خلال العقدين المنصرمين قطعت تركيا شوطاً كبيراً في توظيف مصادر الطاقة المتجددة لديها لتوليد الكهرباء، واعتباراً من العام الجاري نجحت تركيا في توليد 53% من إجمالي احتياجاتها من الكهرباء من خلال الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة. ولعل نقلتها النوعية الكبرى كانت في توليد الكهرباء من طاقة الرياح البرية والبحرية لديها، إذ حلّت في المرتبة 12 عالمياً و7 أوروبياً في إنتاج الكهرباء من طاقة الرياح بعد تجاوزها عتبة 10 آلاف ميغاوات.

 

ولأول مرة في تاريخ الجمهورية التركية أصبحت طاقة الرياح أكبر مصدر لتوليد الكهرباء بحصة بلغت 22.6% في 28 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وفقاً لبيانات نشرتها مؤسسة نقل الكهرباء التركية (TEIAŞ) يوم الاثنين الماضي.

 

ومحطّمةً جميع الأرقام القياسية السابقة، أنتجت محطات طاقة الرياح التركية نحو 178,964 ميغاوات/ساعة من إجمالي 791,794 ميغاوات/ساعة من إنتاج الكهرباء اليومي في عموم البلاد من مختلف المصادر بفرعيها الأحفوري التقليدي والمتجدد النظيف.

 

وصلت طاقة الرياح المركبة في تركيا إلى 10,585 ميغاوات، مما يجعلها ثاني أكبر قدرة متجددة بعد الطاقة الكهرومائية التي وصل إجمالي ما أنتجته من طاقة كهربائية مركبة إلى نحو 28.5 غيغاوات في عام 2019. وتبعتها محطات توليد الكهرباء بالغاز الطبيعي بحصة 22% من توليد الكهرباء يوم الأحد، فيما احتلت محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم المرتبة الثالثة بحصة 17.8%.

 

العالم العربي.. إمكانيات واعدة

إلى جانب غناه بمصادر الطاقة الأحفورية التقليدية من نفط وغاز، يتمتع الوطن العربي بمصادر وفيرة للطاقة المتجددة أيضاً، ولعل أبرزها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بالإضافة إلى الطاقة الكهرومائية المستخدمة في بعض الدول التي تحظى بأنهار كبيرة مثل مصر والعراق وسوريا والمغرب.

 

ويرى الخبراء أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تمتلك مناطق جغرافية مميزة تشجع على إنشاء محطات ضخمة لتوليد الكهرباء من خلال طاقة الرياح التي تتجاوز سرعتها 7 أمتار/ثانية، بدءاً من البلدان العربية التي تطل على شواطئ المحيط الأطلسي والصحراء الكبرى، مروراً بدول حوض البحر الأحمر، وصولاً إلى منطقة صلالة بسلطنة عمان.

 

ووفقاً لإحصائية نشرها المجلس العالمي لطاقة الرياح عام 2019، شهدت دول العالم العربي بالإضافة إلى إيران قفزة نوعية في استثمارات طاقة الرياح، إذ باتت المنطقة تمتلك محطات بسعة إنتاجية بلغت نحو 5.7 غيغاوات بعد أن كانت قرابة 300 ميغاوات فقط عام 2007. ويُتوقع أن يستمر نمو الطاقة الكهربائية في العالم العربي بعد تركيب 6.5 غيغاوات من التوربينات الإضافية بحلول عام 2023، ونحو 12 غيغاوات أخرى بحلول 2028.

 

مساعٍ عربية لدخول نادي الرياح

في ظل الانخفاض المستمر لتكلفة الإنتاج وتطور التكنولوجيا في مجال طاقة الرياح، شهد عام 2019 نمواً متسارعاً في عدد وحجم منشآت طاقة الرياح التي شيَّدَها بعض البلدان العربية، وذلك من أجل تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء المولَّدة من مصادر طاقة متجددة ونظيفة.

 

ففي نهاية عام 2019 دشنت مصر أول مزرعة تجارية لإنتاج الطاقة الكهربائية المركبة بالرياح، وبإجمالي 125 توربيناً باتت محطة رأس غارب المصرية في خليج السويس قادرة على إناج قرابة 262.5 ميغاوات من الكهرباء، وذلك ضمن خطة حكومية تقضي بتوليد 20% من إجمالي الكهرباء التي تحتاج إليها البلاد من مصادر نظيفة بحلول عام 2022، لترتفع إلى نحو 42% بحلول عام 2035.

 

من جانبها أعلنت سلطنة عُمان عام 2019 إنشاء أول وأضخم مزرعة رياح لإنتاج الكهرباء في منطقة الخليج العربي بتكلفة قُدرت بنحو 125 مليون دولار، وبقدرة إنتاجية سنوية تصل إلى نحو 160 غيغاوات/‏‏ساعة، كما أعلنت السعودية في نفس العام عزمها على إطلاق مشروع محطة دومة الجندل لطاقة الرياح في منطقة الجوف شمال غربيّ البلاد، بقدرة إجمالية تبلغ نحو 400 ميغاوات.


مصدر الخبر :TRT عربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *