المُسيّرات والقرم والسياحة.. خلافات روسية تركية متصاعدة تشتعل على نار هادئة

المُسيّرات والقرم والسياحة.. خلافات روسية تركية متصاعدة تشتعل على نار هادئة

تتصاعد خلافات روسية- تركية حول العديد من الملفات في الأسابيع الأخيرة دون ضجيج إعلامي أو تصريحات رسمية مباشرة، وهو ما يظهر حجم الخلافات في ملفات مختلفة وهشاشة “التحالف” وطبيعته التنافسية بين البلدين، لكنه يبيّن أيضاً رغبة البلدين في احتواء هذه الخلافات وتجنب تصاعدها وامتدادها لملفات أخرى.

 

وبرزت مؤخراً خلافات عديدة تتعلق بالموقف التركي من احتلال روسيا لشبه جزيرة القرم، والدعم العسكري والتعاون الدفاعي المتصاعد مع أوكرانيا، وهو ما يُعتقد أن روسيا ردّت عليه بتعطيل السياحة إلى تركية بحجة “كورونا” قبل أن تهدد بـ”إثارة الأقليات في تركيا”، إلى جانب الغضب الروسي من إعلان بولندا شراء مسيّرات تركية قتالية من طراز “بيرقدار” التي باتت مصدر إزعاج تركي كبير لروسيا على حدودها المختلفة وأماكن تواجدها في المنطقة.

 

وتتخذ تركيا موقفاً “مبدئياً” ضد احتلال روسيا لشبه جزيرة القرم، وتؤكد على الدوام عدم اعترافها بالسيطرة الروسية وتمسكها بوحدة الأراضي الأوكرانية. كما وقفت تركيا بقوة مؤخراً ضد الحشود الروسية واحتمال التدخل العسكري في دونباس الأوكرانية وعملت عن قرب مع أوكرانيا والناتو للاستعداد للوقوف أمام أي تدخل عسكري روسي.

 

وما أغضب روسيا أكثر، التعاون الدفاعي المتصاعد بين تركيا وأوكرانيا في الآونة الأخيرة، لا سيما بيع أنقرة لكييف طائرات مسيرة بدون طيارة من طراز “بيرقدار” الهجومية، والتي أضرّت بالصناعات الدفاعية الروسية في سوريا وليبيا وقره باغ، قبل أن تمتلكها أوكرانيا وتبدأ بتسييرها فوق البحر الأسود ومناطق حدودية مع روسيا آخرها خط المواجهة في دونباس.

 

وقبل أيام، أحيت تركيا الذكرى السنوية لتهجير تتار القرم والشركس من قبل روسيا، وقالت الخارجية التركية إن “نحو 250 ألف شخص من تتار القرم سلخوا عن وطنهم الأم ليلة 18 مايو/ أيار عام 1944، بينما فقد معظم أتراك القرم حياتهم في هذا الحادث المؤلم”، مؤكدة وقوف تركيا إلى جانب “أقاربها وحماية هويتهم وضمان رفاههم”، مشيرا إلى أنهم “لا زالوا يواجهون صعوبات ناجمة عن الضم الروسي غير القانوني لشبه جزيرة القرم”.

 

هذا الموقف المتجدد أغضب روسيا التي هددت بلغة غير مسبوقة بـ”الرد على تركيا في حال مواصلة خطابها المغرض تجاه روسيا بسبب تتار القرم”، ولوّحت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا بالقول: “تصريحات تركيا بشأن تتار القرم وشبه جزيرة القرم مثيرة للقلق، إذا لم تتغير هذه التصريحات فسنضطر إلى إثارة المشاكل الدينية والعرقية في تركيا”. كما اعتبر المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديميتري بيسكوف أن موقف تركيا من القرم هو “أحد الخلافات الكبيرة بين البلدين”.

 

وفيما فُسّر على أنه رد روسي على الموقف التركي من القرم وأوكرانيا، أصدرت الحكومة الروسية قراراً بوقف الرحلات السياحية إلى تركيا بسبب ما قالت إنه انتشار فيروس كورونا، قبل أن تعلن شركات سياحة وطيران كبرى إلغاء الرحلات هذا الصيف في خطوة تهدد بحرمان تركيا من ملايين السياح الروس الذين يشكلون أكبر نسبة من السياح الذين يعتمد عليهم القطاع السياحي في تركيا، وبالتالي فإنها من أبرز أوراق الضغط الروسية على تركيا.

 

وفي خضم هذه الخلافات، نقلت وكالة الأنباء الرسمية البولندية “PAP”، عن وزير الدفاع قوله إن بلاده ترغب في شراء 24 طائرة مسيرة من تركيا، من طراز بيرقدار “تي بي 2” المسلحة. وأضاف أن هذه الطائرات فعالة للغاية، حيث “أثبتت جدارتها في الحرب شرق أوروبا، كما تم استخدامها بالشكل ذاته في منطقة الشرق الأوسط”، لافتاً إلى أنه من المنتظر التوقيع على اتفاقية الشراء بين البلدين، خلال زيارة الرئيس البولندي أندريه دودا إلى تركيا، الاثنين.

 

ومن شأن هذه الصفقة أن تعمق أيضاً الخلافات التركية الروسية، لا سيما وأنها جاءت مع بولندا التي كانت تعتبر أحد أبرز حلفاء روسيا في حلف وارسو قبل أن تتحول إلى المعسكر الغربي، كما أنها تعتبر دولة حدودية بشكل غير مباشر -تفصل بينهما بيلاروسيا- ومن شأن اقتنائها أسلحة متطورة أن يشكل ازعاجاً كبيراً إلى روسيا.

 

كما أن نوع هذا السلاح يعتبر استثنائياً، فالحديث هنا عن المسيرات التركية التي أجمع خبراء على أنها “أذلّت” الصناعات الدفاعية الروسية عندما دمرت عربات ومصفحات وأنظمة دفاعية روسية في سوريا وليبيا وقره باغ، كما أن شراء بولندا إلى جانب أوكرانيا المسيرات التركية رأى فيه خبراء روس خطراً كبيراً ومحاولة تركية لاستفزاز موسكو ووصل الأمر بالبعض لحد التساؤل عن أهداف تركيا وما إن كانت تسعى لإحاطة روسيا وأماكن تواجدها بمسيراتها وذلك من سوريا وليبيا وقره باغ إلى أوكرانيا والآن بولندا.

 


مصدر الخبر :موقع "القدس العربي"

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *