“المقابلة” الرمضانية.. ختمة قرآنية جماعية في مساجد تركيا

“المقابلة” الرمضانية.. ختمة قرآنية جماعية في مساجد تركيا

تتميز تركيا بعادات روحانية رمضانية عديدة، منها “المقابلة” وهي ختمة قرآنية جماعية تتم بشكل جهري في كل جوامع ومساجد البلاد تقريبا وكذلك في البيوت بمشاركة مختلف الأعمار.

وفي متحف قصر توب قابي بمدينة إسطنبول في تركيا تتم تلاوة “المقابلة” يوميا على مدار العام.

و”المقابلة” عادة مستمرة منذ زمن العثمانيين، ولها جذور قديمة تمتد إلى زمن الرسول الكريم محمد عليه الصلاة السلام، حين كان يتلو القراء والحافظون من صحابته القرآن فيتأثر به الرسول والسامعون.

وتقام “المقابلة” عادة في الجوامع والمساجد، ويجتمع عليها المصلون والصائمون في أوقات ما قبل صلاة الجماعة، وتبدأ من قبل شهر رمضان المبارك وتستمر حتى نهايته.

وفي “المقابلة” تسود روحانيات من حيث تلاوتها عبر قراء وحفاظ في المساجد والجوامع بأصوات عذبة جميلة، ومتابعتها من المتواجدين بشكل شفوي ما يجعل أجواءها الجماعية مميزة ومحبوبة.

** ما هي المقابلة؟

“المقابلة” هي أن يقرأ شخص، وهو الحافظ أو القارئ، آيات من القرآن الكريم بصوت مسموع، سواء إن كان حفظا أو مباشرة من المصحف، ويستمع حضور بإنصات إلى الآيات ويتلونها من المصاحف بصوت خفيض خفي.

وتبدأ تلاوة “المقابلة” في عدد من الدول الإسلامية، ومنها تركيا، في الأشهر الثلاثة الفضيلة، وهي رجب وشعبان ورمضان، وتتم تلاوة الجزء الواحد من قبل قارئ واحد أو عدة قراء يتناوبون على التلاوة.

وتتم التلاوة بسرعة متوسطة، ما يتيح للحضور متابعة القراءة من المصاحف شفويا بصوت خفيض خفي، وهو ما يعتبر أكثر روحانية وقبولا.

** تراث قديم

وعادة “المقابلة” تعود إلى زمن الرسول محمد صلَّ الله عليه وسلم، حيث عُرِف أنه حين كان يقرأ أصحابه القرآن بصوت عذب كانت تنهال عبراته تأثرا بكلام الله.

و”المقابلة” هي تراث ديني متواتر، وفي التاريخ العثماني يُعرف عن السلطان سليم الثالث أنه كان يجري “المقابلة” في جامع “السلطان أيوب”، وهو الجامع الذي يستضيف قبر الصحابي أبو أيوب الأنصاري، وكذلك في متحف قصر توب قابي حين كان قصرا للسلاطين.

وتقام “المقابلة” في الجوامع والمساجد والمنازل بشكل أكبر في ساعات صلاة الفجر، وقبل صلاتي الظهر والعصر، حيث يتلوها قراء وحفاظ ويتابعهم الحضور وصولا إلى ختم تلاوة القرآن الكريم.

ولجامع السلطان أيوب مكانة خاصة لدى أهالي إسطنبول في “المقابلة”، لما تغمره من أجواء روحانية باستضافته ضريح الصاحبي “أبو أيوب الأنصاري”.

وفي إسطنبول تكتظ المساجد عند “المقابلة”، وعادة ما تبدأ تلاوة القرآن الكريم قبل حلول رمضان بـ15 يوما.

وفي زمن العثمانيين جرت العادة أن يُقرأ جزء على الأقل من القرآن قبل الصلوات الجماعية.

ويتم تكليف أصحاب الأصوات العذبة من أجل أداء “المقابلة”.

** مشاركة جماعية

وفي الزمن الحالي عادة ما تبدأ “المقابلة” في أول أيام رمضان في مختلف جوامع ومساجد تركيا، وتُستكمل الختمة بحلول اليوم الأخير للشهر الفضيل وتلاوة دعاء الختمة بشكل جماعي.

وتشارك النساء في “المقابلة” بالمكان المخصص لهن في الجوامع والمساجد، كما يجتمعن في المنازل لإتمام “المقابلة” في شهر رمضان المبارك، فضلا عن مشاركة الأطفال والشبان.

هذا التفاعل الشعبي الواسع بـ”المقابلة” يضفي أجواء مميزة مليئة بالروحانيات على الشهر الفضيل في تركيا.

وبذلك تؤدي الجوامع والمساجد وظيفتها الأساسية، وهي جمع المسلمين مع بعضهم البعض من أجل مزيد من التآخي والتعاضد.

ومع عادات أخرى مميزة، فإن للعبادة في شهر رمضان أجواء خاصة جدا في تركيا، ولاسيما في إسطنبول.


مصدر الخبر :الأناضول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *