استمرار التصعيد الروسي شمال غربي سوريا… رسائل استياء للضغط على تركيا

استمرار التصعيد الروسي شمال غربي سوريا… رسائل استياء للضغط على تركيا

ارتفعت حدة التصعيد الروسي على مدن وبلدات شمال غربي سوريا، حيث وسّعت الطائرات الحربية الروسية رقعة ضرباتها، واستهدفت بعشرات الغارات الجوية، مواقع ومنشآت مدنية وعسكرية واقتصادية، تركز بعضها على محطات المياه والكهرباء المغذية لمدينة إدلب والمناطق المجاورة لها.

 

وعزا مراقبون الأسباب التي أدت لتعاظم التصعيد، إلى استياء موسكو من عدم تنفيذ تركيا لالتزاماتها تجاه الاتفاقيات مع روسيا ولا سيما خريطة الطريق التي توصل لها الطرفان خلال قمة سوتشي بين نهاية شهر أيلول/ سبتمبر2020.

 

وذكر الدفاع المدني السوري، أن المقاتلات الحربية الروسية استهدفت الاثنين، قريتي العنكاوي في سهل الغاب ودير سنبل جنوبي إدلب، كما استهدفت مزرعة لتربية الدواجن بين بلدتي أرمناز وكفرتخاريم شمال غربي المدينة.

 

وتداول ناشطون شريطاً مصوراً يظهر فيه لحظات استهداف المقاتلات الحربية المواقع المدنية في ريف إدلب، واستهداف مزرعة لتربية الحيوانات. ووفقاً لمصادر محلية، فقد شنت الطائرات الروسية غارات جوية متتالية على محيط محطة تحويل الكهرباء المغذية لمدينة إدلب والقرى المجاورة لها، كما استهدفت غارات مماثلة محيط بلدة البارة، وبلدة دير سنبل في ريف إدلب الجنوبي، مخلفة أضراراً مادية، كما تعرضت بلدة العنكاوي بسهل الغاب في ريف حماة الغربي لغارتين جويتين من الطيران الروسي.

 

كما استهدفت مدفعية النظام بعدة رمايات مدفعية مصدرها معسكر جورين، قرى وبلدات سهل الغاب شمالي محافظة حماة، حسب مرصد إدلب المختص برصد التحركات العسكرية، إضافة إلى غارة جوية نفذتها الطائرات الحربية الروسية استهدفت محيط منطقة البارة غربي محافظة إدلب.

 

ونفذت المقاتلات الروسية 10 ضربات جوية، في اليوم السادس من تصعيدها على منطقة خفض التصعيد، 5 غارات استهدفت منطقة البارة ومحيطها في جبل الزاوية جنوبي إدلب، وضربتان طالتا محيط بلدة سرمين شرقي إدلب، و3 طالت محيط قرية العنكاوي بمنطقة سهل الغاب شمال غربي حماة، تزامن ذلك مع قصف صاروخي نفذته فصائل جهادية منضوية ضمن غرفة عمليات “الفتح المبين” التي استهدف مواقع النظام في معسكر جورين بريف حماة.

 

وذكرت شبكة بلدي نيوز المحلية، أن قرى وبلدات “الدقماق، والزقوم، وقليدين، وحميمات، والعنكاوي”، في ريف حماة الغربي، ومعارة النعسان في ريف إدلب الشمالي، تعرضت لقصف مدفعي مكثف من قبل قوات النظام والميليشيات المساندة، تسبب بأضرار مادية كبيرة في الممتلكات. وبيّنت أن قوات النظامين السوري والروسي، تتعمدان استهداف المنشآت الحيوية العامة والخدمية بهدف تدميرها وإخراجها عن الخدمة، للضغط على أهالي المنطقة، حيث سبق أن استهدفت القوات المهاجمة والعديد من المشافي والمدارس ومراكز الدفاع المدني خلال حملاتها العسكرية السابقة كنوع من أنواع الضغط على المدنيين والفصائل العسكرية.

 

وكان الطيران الروسي استهدف يوم أول أمس، محطة ضخ المياه المغذية لمدينة إدلب بعدة غارات جوية، ما تسبب بخروجها عن الخدمة وإصابة اثنين من العاملين بها، علماً أن هذه المحطة تخدم أكثر من 800 ألف نسمة بالمياه الصالحة للشرب في المنطقة.

 

مدير مركز جسور للدراسات الاستراتيجية، محمد سرميني تحدث عن أسباب ارتفاع حدة التصعيد والخروقات مجدداً شمال غربي سوريا، بعد الانخفاض الملحوظ الذي شهدته خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2020.

 

وقال في سلسلة تغريدات عبر حسابه على موقع تويتر، إن الطائرات الحربية الروسية شنت مؤخراً غارات على مناطق قرب الشريط الحدودي وفي جبل الزاوية جنوب إدلب، في حين نفّذت قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية ضربات مدفعيّة وصاروخيّة على نقاط عديدة غربي حلب، مما أسفر عن مقتل وجرح عدد من المدنيين، وكانت القوات التركية المنتشرة في محيط مدينة أريحا جنوب غربي إدلب وكردّ على التصعيد نفّذت في 1 كانون الثاني/ يناير 2022، ضربات مدفعيّة مركّزة على أهداف عسكريّة تابعة لقوات النظام وحلفائها في منطقتي معرّة النعمان وسراقب.

 

وتتزامن عودة التصعيد مع قرب انتهاء فترة التفويض لآلية إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا بموجب القرار 2585/ 2020 وفقاً لقراءة الخبير السياسي، الذي اعتبر أن “روسيا تحاول الضغط على المجتمع الدولي من أجل قبول حصر الآلية بالمساعدات عبر خطوط التماس؛ لا سيما وأنّ تقرير الأمين العام للأمم المتحدة شدّد على ذلك”.

 

وأضاف الخبير السياسي “تريد روسيا ضمان استمرار وتسريع العمل بموجب استثناءات التعافي المبكّر التي نصّ عليها القرار الأممي. وبالتالي، تقليص حجم العقوبات على النظام، وهو ما أشار إليه بشكل غير مباشر مبعوث الرئيس الخاص الكسندر لافرنتييف في 27 كانون الأوّل/ ديسمبر 2020”.

 

وترجم مدير مركز جسور للدراسات أسباب التصعيد باستياء روسيا من التباطؤ في تنفيذ خريطة الطريق التي تم الاتفاق عليها مع تركيا خلال قمة سوتشي بين الرئيسين رجب طيّب أردوغان وفلاديمير بوتين في 30 أيلول/ سبتمبر 2020.

 

وحول عدم إحراز أيّ تقدّم في تنفيذ خريطة الطريق حول إدلب، قال سرميني إن ذلك مرتبط بوجود خلافات وملفات عالقة بين تركيا وروسيا، أبرزها مكافحة الإرهاب، والوجود العسكري التركي، وتفعيل حركة التجارة والنقل، وإعادة الاستقرار.

وأبدى الخبير السياسي اعتقاده، بعدم انخفاض حدّة التصعيد في الربع الأوّل من عام 2022 على أقل تقدير؛ لا سيما مع قرب مرور عامين على توقيع مذكّرة موسكو (2020) حول إدلب، متوقعاً استمرار تبادل رسائل الاستياء والتحذير بهدف الضغط، لكن بدون أن يكون هناك بالضرورة أيّ تغيّر في خريطة السيطرة والنفوذ.

 


مصدر الخبر :موقع "القدس العربي"

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *