من المستفيد من مهاجمة القوات التركية في محافظة إدلب ؟

من المستفيد من مهاجمة القوات التركية في محافظة إدلب ؟

شهدت محافظة إدلب خلال الشهر الماضي والجاري عدة عمليات عسكرية استهدفت عربات عسكرية روسية أثناء مشاركتها بدوريات مشتركة مع القوات التركية على طريق حلب اللاذقية الدولي المعروف بـ m4 ما أدى لإصابة عدد من الجنود الروس، إضافة لاستهداف قواعد وجنود أتراك على الطريق نفسه في تطور خطير تشهده المنطقة من قبل فصائل مجهولة الهوية تحاول نسف اتفاق موسكو الموقع بين تركيا وروسيا يوم 5 آذار الفائت وعودة الاقتتال والعمليات العسكرية للمنطقة مجدداً.
فـ في شهر آب المنصرم تبنى فصيل مجهول الهوية يدعى “كتائب خطاب الشيشاني” استهداف العربات الروسية المشاركة بالدورية المشتركة، وتوعَّدَ بمزيدٍ من الهجمات في حال تم تسيير الدوريات مرة أخرى على طريق حلب – اللاذقية الدولي.
بيانات وإصدارات الفصيل الجديد مجهول الهوية اقتصرت على صور بعيدة لكاميرات مثبتة أو للقطات بطائرة مسيرة “درون” إضافة لشعارات وقليل من المونتاج والفوتوشوب ثم بثها على غرف أنشأت حديثاً على وسائل التواصل الاجتماعي، علماً أنه فصيل لا تعرف هويته وامتداده أو قادته ومكان سيطرته على الأرض في منطقة إدلب، ما يعني أن هناك إشارات استفهام تُرسم حول نية هذا الفصيل ومن يقف خلفه.
وفي بداية شهر أيلول الجاري نشر فصيل جديد مجهول الهوية أيضاً يدعى “سرية أنصار أبي بكر” بياناً تبنى فيه استهداف أحد مقاتليه يدعى (أبو سليمان الأنصاري) بعربة ملغمة النقطة التركية في مدرسة قرية سلة الزهور القريبة من مدينة جسر الشغور غرب إدلب، والذي أسفر عن إصابة عدد من الجنود الأتراك وفصائل المعارضة، وحذر الفصيل الجديد المدنيين الاقتراب من النقاط التركية في المنطقة متوعدا بزيادة هجماته على القواعد التركية في إدلب.
لم تمض أيام على استهداف النقطة التركية القريبة من مدينة جسر الشغور غرب إدلب من قبل “سرية أنصار أبي بكر” حتى شن مسلحون مجهولون بالأسلحة الخفيفة يوم 6 أيلول الجاري يستقلون سيارة هونداي سنتافية جنوداً أتراكاً داخل بلدة معترم قرب مدينة أريحا جنوب إدلب، ما أدى لمقتل جندي تركي إصابة آخر.
من المستفيد من الهجمات الأخيرة ؟
بقراءة بسيطة وبنظرة تحليلية نرى أنه كلما تقدم ملف الدوريات المشتركة بين روسيا وتركيا ومحاولة أنقرة إنهاء الملف الذي طال كثيراً تزاد العمليات العسكرية ضد الدوريات المشتركة من قبل فصائل مجهولة أو تزداد عمليات القصف والتسلل والتقدم من قبل قوات النظام والمليشيات الإيرانية ضد مناطق سيطرة الفصائل العسكرية.
ومن المعلوم أن جميع فصائل الثورة بالإضافة لهيئة تحرير الشام في منطقة شمال غرب سوريا لا تعتبر تركيا والقواعد التركية في منطقة شمال غرب سوريا “قوة معادية أو قوة احتلال” بل العكس فهي تعلم تماماً أن الوجود التركي في المنطقة هو صمام الأمان في الوقت الحالي من أي ذريعة يحاول الاحتلال الروسي خلقها لشن عملية عسكرية ضد تلك المناطق والسيطرة على مناطق جديدة كما حصل بداية العام الجاري، وسيطرت قوات النظام بدعم جوي من مقاتلات الاحتلال الروسي على عشرات المدن والقرى أهمها معرة النعمان وكفرنبل وسراقب وغيرها من المدن والبلدات جنوب وشرق إدلب.
المستفيد الأكبر من هذه العمليات ضد القوات الروسية والقواعد التركية في منطقة إدلب بالدرجة الأولى قوات النظام فـ خلايا قوات الأسد ماتزال تعمل حاليًا في منطقة إدلب، ونشرت الفصائل العسكرية عدة مرات بيانات لإلقاء القبض على خلايا تابعة لقوات الأسد في المنطقة تسعى لزعزعة استقرارها من خلال تنفيذ عمليات ضد مدنيين وعسكريين أو أعمال خطف وسرقة.
قوات الأسد تسعى حالياً إلى المبادرة لنقض اتفاق موسكو وشن عمليات عسكرية ضد فصائل المعارضة بعد وصول تعزيزات ضخمة من جميع المحافظات ومن قبل المليشيات الموالية لها فـ الطريق إلى إدلب أصبح مفتوحاً أمام تلك التعزيزات وأمام المليشيات القادمة من كل حدب وصوب في محاولة لاقتلاع آخر قلاع الثورة.
المستفيد الثاني هي المليشيات الإيرانية والتي سعت منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في موسكو بين تركيا وروسيا إلى نسف الاتفاق بعد إخراجها من ذلك الاتفاق وعدم دعوتها إليه بأي صفة اعتبارية، فهي تسعى بين الحين والآخر إلى استفزاز الفصائل العسكرية في منطقة شمال غرب سوريا لنسف الاتفاق وعودة المواجهات إلى جبهات القتال مجدداً.
وفي حال صحة فرضية وجود فصائل راديكالية تقوم بشن عمليات ضد القوات التركية، فإن الاحتلال الروسي هو أكبر المستفيدين حالياً من استهداف القواعد التركية في مناطق شمال غرب سوريا، فـ موسكو تسعى دائمًا إلى جر وإقحام القوات التركية نحو مستنقع المواجهات المباشرة مع الفصائل الراديكالية في المنطقة، وهذا يهدد استقرار منطقة إدلب إضافة للخسائر البشرية والمادية للجانب التركي التي قد تحصل عند حدوث أي مواجهة.
في كلا الحالين تبدو أنقرة في موقف لا تحسد عليه، لأن الخيارين يفرضان عليها واقعاً جديداً في إدلب، يتثمل بزيادة الوجود العسكري من أجل مواجهة أي تطور مفاجئ في قادم الأيام ضد نقاطها العسكرية وجنودها المنتشرين في الشمال الغربي من سوريا.


الكاتب :بدر محمد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *