كيف تعاطى اللاجئون السوريون مع الهجمات العنصرية الأخيرة ضدهم في أنقرة؟

كيف تعاطى اللاجئون السوريون مع الهجمات العنصرية الأخيرة ضدهم في أنقرة؟

لم يكن مفاجئاً التصعيد العنيف الذي تعرض له لاجئون سوريون في ولاية أنقرة مؤخراً، وذلك بسبب ما سبقه من تحريض من قبل الأحزاب المعارضة التركية حول الوجود السوري، ومزاعمها بأنه كانت له تداعيات اقتصادية سلبية وانتشار البطالة بين المواطنين الأتراك.

ذلك التأجيج وزرع الفتنة وإشعال فتيلها على مواقع التواصل الاجتماعي تبدّت ملامحه على الأرض في الهجمات العنصرية والاستفزازية التي قامت بها مجموعات من المواطنين الأتراك، إذ هاجموا بحسب ما رصد موقع “الجسر ترك” المنازل والمحلات والسيارات المملوكة للسوريين والأجانب عموماً في منطقة “ألتنداغ” بولاية أنقرة، والتي كان سبب التصعيد فيها مقتل مواطن تركي وإصابة آخر على يد سوريين اثنين خلال مشاجرة، كما كانت هذه الحادثة فرصة للكثير من اللصوص في اقتحام المحلات ونهبها أمام مرأى الجميع بحجة الثأر لحادثة مقتل الشاب التركي، ما يؤكد أن الموضوع خرج عن إطار الثأر إلى أهداف أخرى بعيدة عن ذلك. 

ومما يؤكد استغلال هذه الحادثة من قبل مجرمين و”أصحاب سوابق” ما أعلنته إدارة شرطة أنقرة من اعتقال 76 شخصًا متورطين في الأحداث، مؤكدة أن 38 من الموقوفين لديهم “سوابق جنائية”، كما أطلقت الشرطة عبر مكبرات الصوت نداءات لأهالي الحي من الأتراك داعيةً إياهم لعدم الانجرار وراء من يزرع الفتنة بين اللاجئين، وقالت: “دعونا لا نسمح ببيئة الاستفزاز غير المرغوبة في بلدنا. لا تحترموا أقوال أناس لا تعرفونهم هم يحاولون استفزازكم”.

ورغم أن ولاية أنقرة صرحت أنه تم إلقاء القبض على الجانيين السوريين وعلاج الجرحى، إلا أن المحرّضين يواصلون استغلال الحادثة لنقل التصعيد فيما يبدو لمناطق أخرى غير أنقرة، فمن خلال متابعة بسيطة على موقع تويتر نجد أن آلاف التغريدات تُنشر في الدقيقة الواحدة للتحريض على السوريين والادعاء أنهم سبب المشاكل التي تشهدها تركيا وأنهم “يرتكبون الجرائم ويسرقون العمل ويأخذون المساعدات بشكل شهري من ميزانية الحكومة” علماً أن هذه الادعاءات سبق وأن تم نفيها من قبل الحكومة التركية بشكل رسمي.

ويبدو من السهل على الأحزاب المعارضة والمحرضين عموماً رفع مستوى الاحتقان لدى قسم لا بأس به من الشارع التركي على الوجود السوري والأجانب بشكل عام، الأمر الذي كانت له تداعيات سلبية كان ضحيتها اللاجئون السوريون بشكل خاص، فرغم سعي المعارضة لشيطنة اللاجئين السوريين وإظهارهم على أنهم “وحوش” وأن “الفتيات لا يستطعن المشي في الشوارع ليلاً لوحدهن بسبب السوريين”، إلا أن ما لوحظ بشكل لا يقبل التشكيك وجود نوع من الوعي والتفكير بالعواقب من قبل اللاجئين السوريين، فهم وبالرغم من التعدي الصريح على ممتلكاتهم وأرزاقهم لم يختاروا التصعيد رغم أن منطقة “ألتنداغ” التي جرت فيها الحادثة معروفة بكثرة عدد السوريين فيها، لكنهم انحازوا في بيوتهم وناشدوا السلطات التركية للتدخل وطرد الأتراك الساعين للانتقام من أشخاص لا علاقة لهم بالحادث لا من قريب ولا من بعيد.

وربما يعود الوعي السوري في هذا الجانب لكون أي تصعيدٍ آخر في ذروة الاحتقان سيجرُ وراءه تصعيداً أكثر عنفاً من قبل الأتراك، وهذا ما قد تكون له تداعيات في مناطق أخرى يبدو الوجود السوري فيها أكثر من أنقرة مثل الولايات الجنوبية أو منطقة أسنيورت في إسطنبول، ما يؤدي لخروج الأوضاع عن السيطرة، فيما يقول البعض إن سبب صمت السوريين يعود لعوامل أخرى من ضمنها عدم القدرة على المواجهة والدفاع عن الممتلكات أمام المجموعات الكبيرة من الأتراك المشحونة بالخطاب التحريضي.

وبالنظر لحجم التأجيج الذي تسعى الأحزاب المعارضة إلى إشعاله بين السوريين والأتراك يتضح مدى حجم الجهود الواجب اتخاذها من قبل الحكومة التركية لإنهاء مثل هذه المشاهد العنصرية، فَمِنْ مسؤولية الحكومة التركية بشكل مباشر تأمين الحماية لهؤلاء اللاجئين الذين وقعوا ضحية مساعي المعارضة جعلهم ورقة تضرب بها سياسة حزب العدالة والتنمية الحاكم تجاه اللاجئين من أجل الحصول على مكاسب في الانتخابات الرئاسية المقبلة وإضعاف حظوظ أردوغان في الفوز بها، إلا أن تأمين تلك الحماية لن يتحقق سوى باتخاذ قرارات صارمة وعقوبات حقيقية ضد الُمحرّضين، إضافة لتخفيف الاحتقان من خلال الاستمرار بتبيان زيف الادعاءات التي تطلقها المعارضة بشأن حصول السوريين على الرواتب والمساعدات الشهرية من ميزانية الدولة التركية، فاللاجئ السوري يعيش في تركيا بعرق جبينه وبساعات عمل أطول من الأتراك وبأجور أقل.


مصدر الخبر :فريق تحرير الجسر ترك الكاتب :فريق تحرير الجسر ترك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *