طلاب في جامعة ماردين يحققون إنجازاً بوضع موطئ قدم في السوق التركية (صور)

طلاب في جامعة ماردين يحققون إنجازاً بوضع موطئ قدم في السوق التركية (صور)

إنجاز جديد حققه ثلة من الطلبة السوريين في جامعة ماردين شرقي تركيا؛ لم يقتصر على التفوق الدراسي، بل إنهم أثبتوا قدرتهم على التميز والدخول في سوق العمل التركي، على الرغم من الإمكانات البسيطة التي يملكونها والكثير من التحديات التي تواجههم، إذ لم يكن ذلك مانعاً في تحقيق مشروعهم الذي عملوا عليه بتعاون حثيث حتى الوصول إلى نتائج ملموسة.

 

بداية فكرة المشروع وصولاً للتطبيق

يقول الطالب عبد الفتاح العمير الذي يدرس في جامعة ماردين إن المشروع انطلق من مادتي “التسويق الإلكتروني” و”ريادة الأعمال” للدكتور عبد الناصر الجاسم، حيث طلب الأخير تنفيذ مشاريع للتسويق الإلكتروني فطبقه العمير مع مجموعته عملياً لا نظرياً، وذلك بعد مناقشات حول استخدام وتسخير مواقع التواصل الاجتماعي في التسويق الإلكتروني والتحدث عن بعض التجارب في استخدامها، كما كانت هناك مناقشات حول المشاريع الريادية. 

ويضيف العمير في حديثه مع موقع “الجسر ترك”، أن فكرة المشاريع الريادية والمناقشات التي جرت مع مجموعته من الطلبة وهم (أحمد الخطاب، أحمد مراد، محمد الحمود، عمر الخطاب، عدي الخطاب) والأمور التي طُلبت منهم في الجامعة؛ حفزتهم على إنتاج منتج عن القهوة المرة، واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي للتحدث عن التجربة التي سيخوضونها بالتسويق واستخدام استراتيجيات التسويق في طرح هذا المنتج ليصل لأيدي المستهلك، وفي نفس الوقت يكون مشروعاً ريادياً قابلاً للتطوير في المستقبل إلى أن يكون “ماركة” عالمية.

بدوره، يقول أحمد مراد، إن المشروع لاقى توافقاً فيما بينهم بعدما اقترح أحد الطلبة فكرة القهوة المرة، حيث بدأ التخطيط وتقاسم الأدوار، وكان هناك حماس كبير بين الطلاب، إذ لم يكن الهدف فقط عمل مشروع للنجاح في المادة بل مشروع مستقبلي أيضاً.

أما عمر خطاب، فيقول إنهم اختاروا منتج القهوة المرة على أن يقوموا بإنتاجه بجودة عالية غير متوفرة في الأسواق وتتفوق بالمنافسة على المنتجات المتوفرة بالسوق عبر الطريقة العربية التقليدية (طريقة الأجداد)، وطرح المنتج في السوق التركية مع استخدام مواقع التواصل للترويج له، مشيراً إلى أنهم درسوا سوق المنتج والاستراتيجيات التسويقية لطرحه بالأسواق، مع وضع أهداف منها البقاء على نفس الجودة والوصول لمرحلة تطوير المشروع وإضافة منتجات أخرى من صنف القهوة.

ويتابع خطاب أنهم وعند بداية المشروع جلبوا أفضل أنواع حبات البن الموجودة بالسوق، وبدؤوا بتصنيع المنتج بالطريقة العربية التقليدية، مشيراً إلى أن المشروع أخذ منهم قرابة 20 يوماً في تجهيز المنتج ودراسة الجدوى الاقتصادية وتحديد الجمهور المستهدف وتحديد اسم المنتج، والذي أطلقوا عليه لاحقاً اسم بُن “الجود”.

 

صعوبات وعوائق: 

ويتحدث أحمد خطاب عن صعوبات واجهتهم في المشروع من ضمنها العائق المادي، إذ يقول: نحن جميعاً طلاب وليس لدينا قدرة على جلب معدات كاملة، حيث قمنا بالمشروع بمعدات بسيطة، والمشروع تم في المنزل وليس في مكان مخصص”.

ويضيف خطاب أن “التراخيص تحتاج إلى كثير من الوقت والإمكانات، وأوشكنا على الحصول على الترخيص”، لكنه يؤكد أن المشروع حقق زيادة عملاء في وقت بسيط وأصبح لديهم عملاء في عدة ولايات بالجنوب وفي إسطنبول. 

بدوره، يقول محمد الحمود إن القهوة العربية تعد من المنتجات ثقيلة الطلب، لأنها قليلة الاستخدام ولا تُطلب سوى بالمناسبات ولها جمهور خاص يهتم بها، ولذلك وضعوا خطة لتطوير المشروع ليصبح ينتج القهوة بجميع أصنافها، ويضيف: “فغاية المشروع هي الخبرات التي استفدناها وتطبيق الأشياء التي نأخذها بالجامعة عملياً بدايةً من المحاسبة إلى الاقتصاد لكوننا درسنا الجدوى الاقتصادية للمشروع، وانتهينا بإنتاج منتج ينافس بسوق القهوة المرة بأفضل جودة وأيضاً بأسعار منافسة للأسعار الموجودة بالسوق”.

 

خطة تطوير:

يؤكد عبد الفتاح العمير أن هناك خطة تطويرية وهدفاً استراتيجياً لكي تصبح الماركة تُصنّع جميع أنواع القهوة بأفضل جودة وبأسعار تنافسية، والعمل على تطوير العمل ليصبح معروفاً بداية في تركيا والسوق العربية، كما لفت إلى أن هذا المشروع حال نجاحه وتطويره سياسهم في تشغيل اليد العاملة في تركيا.

أما أحمد مراد فيرى أن المشروع حقق نجاحاً ملموساً رغم ولادته الحديثة وبعد تجاوز الكثير من التحديات، مشيراً إلى أن “هناك هدفاً مرحلياً مرسوماً لتحقيق المزيد من التقدم حتى يكون المنتج من أفضل الماركات في الأسواق التركية، وينافس الماركات العالمية اقتناعاً بقدرة الشباب وعزيمتهم وإصرارهم على استخدام الطرق المنهجية مستفيدين من التحصيل الدراسي في إدارة الأعمال. ولا ننسى الفضل بذلك للدكتور عبد الناصر الجاسم في دعمنا مهنياً وعلمياً وحتى إعلامياً ومساندته لاستمرار المشروع”.

من جانبه، يقول الدكتور عبد الناصر الجاسم في استضافتنا له على موقع “الجسر ترك” إن المشروع المقترح جاء في سياق مقررين: ريادة الأعمال في السنة الثانية والتسويق الإلكتروني في السنة الثالثة، ويضيف: ” من خلال خبرتي في المقررين بالتحديد فإن التحدي الكبير الذي واجه الطلاب دائمًا هو كيف يحولون الفكرة إلى مشروع. الكلام كثير عن أهمية الابداع والابتكار في ريادة الأعمال والتسويق الإلكتروني، خاصة أننا في عصر التحول الرقمي بشكل كامل وبالتحديد النشاط التسويقي لأنك تريد مخاطبة الجمهور والعملاء في أماكن تواجدهم كالسوشال ميديا”.

وعن تجربة الطلاب في مشروع بن “الجود” يقول الجاسم، إنهم تميزوا بقدرتهم على تحويل الفكرة إلى مشروع بدلاً من طرحه بشكل نظري، وتميزوا بأن عملهم كان جماعيًا وتسوده روح الفريق وهذا عامل مهم جداً وفيه وعي مبكر، ويردف: “أول ميزة إيجابية أنهم استطاعوا أن يقفزوا هذه القفزة الريادية بحيث حولوا الفكرة إلى إجراءات ستُفضي إن شاء الله إلى عمل على أرض الواقع”.

وحول رأيه بإمكانية نجاح هذا المشروع، قال الجاسم، إن القهوة المرة هي منتج ممزوج بقيمة، فهي ليست فقط منتجًا غذائيًا أو مشروباً، وإنما في ثقافة مجتمعاتنا تترافق مع قيمة، فتُقدم بالمناسبات والأفراح والأحزان ولها أصول ونظام تقديم ولها رمزيتها القيمية والمجتمعية، وبالتالي إذا استطاع الفريق إتمام تفوقه وإنتاجه من خلال رسم استراتيجية دقيقة لتسويق هذا المنتج فمن المتوقع للفريق النجاح.

ويضيف الجاسم، أن من خلال تواجده في جامعة ماردين خلال الخمس سنوات السابقة، فإنه شهد بعض المشروعات التي تم تنفيذها، وهي قائمة الآن، مثل مجموعة تفوقت في التسويق لمنتجات مكتبية واستمر المشروع، وكذلك هناك مشروع مقهى ثقافي يشجع على القراءة والاطلاع، ومشروع آخر لتربية النحل.

وحول مشروع الطلاب في بن “الجود”؛ قال الجاسم، إن “مثل هذه المشروعات هي أفكار في ذهن الطلاب واهتماماتهم تتكامل مع وجود خصائص وصفات يمتلكها بعض الطلاب الذين لديهم صفات الريادية وبعض الإمكانات وقد تتوفر لهم بيئة داعمة وممول”، معبراً عن أمنيته نجاحه مثل هذا المشروع، وشدد على أن ما قام به الفريق هو إنجاز مشترك للمقرر والقسم والفريق نفسه، وهذا ما يؤكد أن الشخصية السورية منتجة ومبدعة ومبتكرة في الظروف الصعبة.

 

 


مصدر الخبر :فريق تحرير الجسر ترك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *